الجمعة، 4 يوليو 2008

الايمان والاعمال

هل الخلاص بالإيمان أم بالأعمال ؟ الخلاص عمل إلهي بادر الله بتدبيره عالماً أن الانسان غير قادر مطلقاً على فعل أي شيء به يخلص نفسه، فمن جهة لا يدرك الانسان مدى فساد حالته امام قداسة الله بعد أن أفسدت الخطية ذهنه و من ثمَّ قد لا يدرك أنه محتاج للخلاص، مما يستلزم تدخل الله بتبكيت الروح القدس الذي به يفتح ذهنه فيدرك مدى فساد حالته و اغترابه عن الله، و من جهة أخرى، حتى لو أدرك الانسان مدى فساده، فكونه بطبيعته كائن محدود، يعجز تماماً أن يفي بمتطلبات عدل الله بأن يكفر عن تعدِّيه اللامحدود ضد الله، مما يستلزم تدبير كفارة ذات طبيعة غير محدودة للوفاء بمتطلبات عدالة الله القدوس. و من سوى الله قادر على تدبير هذا الأمر ؟ إذاً لا سبيل لخلاص أي إنسان إلا بتدبير من الله. لذا عندما سأل سجَّان فيلبي بولس و سيلا : «يَا سَيِّدَيَّ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ أَفْعَلَ لِكَيْ أَخْلُصَ؟» أجاباه «آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ» (أع 16 : 30، 31). لم يكن مطلوب من هذا السَجَّان أن يفعل أي شئ سوى أن يقبل تدبير الله لخلاصه بالايمان بيسوع المسيح. إن الايمان المقرون بالتوبة القلبية الصحيحة عن كل خطية هو كل ما يستطيعه الانسان حتى ينال كل الفوائد المترتبة على عمل المسيح الكفاري. لذا يقول بولس في رومية 4 : 5 وَأَمَّا الَّذِي لاَ يَعْمَلُ وَلَكِنْ يُؤْمِنُ بِالَّذِي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ فَإِيمَانُهُ يُحْسَبُ لَهُ بِرّاً. حقاً ما أعظم السلام و التعزية التي يجلبها هذا الحق الإلهي الثمين للنفس المسكينة الحزينة، التي ربما تكون مطروحة على فراش المرض أو الموت في حالة من الإعياء و العجز و غير قادرة على القيام بأي عمل تظن أن بواسطته يمكن أن تنال القبول الأبدي امام الله. إن الزعم بأن الخلاص بالأعمال إنما يطعن في كفاية عمل المسيح الكفاري على الصليب، و يشبع غرور الانسان و كبرياءه إذ يحسب أنه قادر أن يسهم في العمل الإلهي بشيء ما، فيكون له افتخار بما قدمه!! كثيرون يظنون أن الله لا بد أن يتوقع من الانسان الخاطي ما هو أكثر من مجرد الايمان، ربما لأننا بحسب النشأة و ما تعلمناه، تعودنا أن ندفع ثمن ما نحصل عليه، و أن نبذل الجهد و الوقت حتى نستحق ما نناله، و قد يكون هذا صحيحاً في أمور كثيرة، و لكنه غير صحيح بالنسبة للخلاص، لأن ثمنه أكبر كثيراً جداً مما تملك أن تدفعه. فهو من أعمال النعمة الإلهية؛ أي عطية مجانية لمن لا يستحق. لذا يقول الرب بفم إشعياء النبي " أَيُّهَا \لْعِطَاشُ جَمِيعاً هَلُمُّوا إِلَى \لْمِيَاهِ وَ\لَّذِي لَيْسَ لَهُ فِضَّةٌ تَعَالُوا \شْتَرُوا وَكُلُوا. هَلُمُّوا \شْتَرُوا بِلاَ فِضَّةٍ وَبِلاَ ثَمَنٍ خَمْراً وَلَبَناً" (إش 55 : 1).لقد أجاب الرب يسوع من سألوه قائلين: «مَاذَا نَفْعَلُ حَتَّى نَعْمَلَ أَعْمَالَ \للَّهِ؟» بقوله : «هَذَا هُوَ عَمَلُ \للَّهِ: أَنْ تُؤْمِنُوا بِالَّذِي هُوَ أَرْسَلَهُ». ( يو 6 : 28، 29). و لكن ماذا عن الأعمال؟ إن الأعمال التي يريدها الله ليست تلك التي ننال بها الخلاص، و لكنها الأعمال التي تصدر عن الشخص الذي نال الخلاص من الخطية، و تَقَدسَ فكره و مشاعره و ارادته، و اصبح بطبيعته الجديدة في المسيح قادراً على السلوك الايجابي الصالح البار الذي يمجد الله. فالانسان بطبيعته الفاسدة التي ورثها من آدم (مز 51 : 5) غير قادر على إتيان سلوك بار، لأن فاقد الشيء لا يعطيه. ما أعظم هذه النعمة الغنية التي أعدها الله لنا في المسيح حتى يخلصنا من الخطية و يغير حياتنا و سلوكنا حتى نرضيه و نمجده، ليتك أيها القارئ العزيز، إن كنت حتى الآن لم تحصل على الخلاص، أن لا تؤجل، اطع الروح القدس، و تب عن خطاياك و اقبل المسيح مخلصاً و رباً بالايمان حتى تنعم بسلام مع الله إلى الأبد.

ليست هناك تعليقات: